«الإيكونوميست»: الصين تحظر مسلسلات «الثراء السريع» لتناقضها مع القيم
«الإيكونوميست»: الصين تحظر مسلسلات «الثراء السريع» لتناقضها مع القيم
انتقدت مجلة “الإيكونوميست” إشعارا أصدرته السلطات الصينية يقضي بحظر المسلسلات المصغرة التي تتضمن مشاهد تصور "الحصول على شيء مقابل لا شيء".
وبحسب المجلة البريطانية تتمتع هذه المسلسلات التي تُعرف غالبًا بـ"الدراما المصغرة"، بشعبية كبيرة في الصين، وتعرض عادة على منصات البث عبر الإنترنت، وتتناول في غالب الأحيان قصصًا تتضمن شخصيات بسيطة من خلفيات متواضعة تنجح فجأة في تحقيق الثراء أو الزواج من شخصيات ذات نفوذ، وهو ما يتعارض مع الأيديولوجيا التي يدعمها الحزب الشيوعي الصيني.
وتُعد هذه الأنواع من القصص أكثر إثارة للجدل في ظل دعوات الحكومة لتعزيز القيم التي تشجع على الكفاح والعمل الجاد كسبيل لتحقيق النجاح.
مخاوف الحكومة
انتقدت الحكومة الصينية ما اعتبرته "رسائل مغلوطة" ترسلها بعض المسلسلات المصغرة، لا سيما تلك التي تصور انتقال الشخصيات من الفقر إلى الثراء بسهولة، ما يعكس "فكرة الحصول على شيء مقابل لا شيء".
وأوضحت الهيئة التنظيمية الصينية في إشعارها أن هذه الأنواع من الدراما تتناقض مع القيم السائدة التي تعززها الدولة، والتي ترتكز على العمل الجاد والالتزام بالمبادئ الاجتماعية.
وأفاد الإشعار بأن هذه المسلسلات تقدم نوعًا من الترفيه "المفرط" الذي لا يتناسب مع القيم المجتمعية التي يسعى الحزب الشيوعي إلى نشرها بين المواطنين.
حظر بعض الأعمال
في إطار حملتها للحد من هذه المسلسلات، أصدرت الهيئة التنظيمية أمرًا بإزالة عدد من الأعمال التي تحتوي على مشاهد تمجد الثراء السريع، ومن بين الأعمال التي شملها الحظر مسلسل "أم التنظيف: عودة اللانهاية"، الذي يتضمن مشهدًا يظهر البطلة وهي تُنفذ حركة "لكمة كاراتيه" ضد الشخصية الشريرة، السيدة وانغ.
واعتبرت الهيئة أن هذه الأعمال تتناقض مع الاتجاهات الثقافية التي تدعو إلى الحفاظ على القيم التقليدية مثل العمل الجاد والتضامن المجتمعي، كما دعت السلطات إلى إنتاج مسلسلات تركز على القيم البناءة، مثل جهود الشباب في الحفاظ على التراث الثقافي والعمل الجماعي في مجتمعاتهم.
صناعة المسلسلات المصغرة
شهدت صناعة المسلسلات المصغرة في الصين نمواً كبيرًا بين عامي 2021 و2023، حيث وصل حجم السوق إلى 37.4 مليار يوان (ما يعادل 5.3 مليار دولار أمريكي).
ووفقًا لتوقعات مؤسسة "أي ميديا ريسيرش"، من المتوقع أن يصل حجم سوق هذه المسلسلات إلى 100 مليار يوان بحلول عام 2027، على الرغم من القيود التي فرضتها السلطات الصينية، يعتقد العديد من المتخصصين في صناعة الإعلام أن هذه القيود قد تفضي إلى تغيير طفيف في نمط الإنتاج، حيث سيبحث المنتجون عن طرق للتحايل على هذه القيود مثل تغيير أسماء المسلسلات أو تعديل قصصها لتتوافق مع اللوائح الجديدة.
الانتقادات الشعبية
أثار فرض الرقابة على المسلسلات المصغرة انتقادات من بعض مستخدمي الإنترنت في الصين، حيث عبّر العديد منهم عن استيائهم من القواعد الجديدة عبر منصات التواصل الاجتماعي.
وكتب أحد مستخدمي منصة "ويبو": "الحياة صعبة بما فيه الكفاية، هل تريدونني مشاهدة دراما محبطة أيضًا؟"، تعكس هذه التعليقات التوتر بين رغبة الجمهور في الترفيه واستجابة الحكومة للرقابة التي تراها ضرورية للحفاظ على القيم المجتمعية.